نصحني صديقي اللدود بأن أرى الناس و الأشياء (من بره ) حتى أنفلت من نطاق التورط ، لم أقتنع بوجاهة فكرته في البداية حتى قمت بتنفيذها بالفعل ، كدت أنجح في ذلك تماما لولا (الأحلام ) المزمنة التي تطاردني فتعيدني لنفس الأماكن والأحداث .
شيء آخر كان يعكر صفو الانطلاق والرؤية البرانية ، وهو أوقات العودة الفعلية والالتقاء بنفس الأشخاص .
لكنني وجدت طريقة أخرى لعدم التورط من جديد في حياة لم أرغبها منذ البدء ، التعاطف الخارجي ، والفرار السريع .
علي أن أعترف أن محاولات خروجي المستمرة ، البعد والكلام من بره الحدث كانت قديمة ومتكررة ، أفضلها على الإطلاق هو السفر والإقامة الدائمة بعيدا جدا ، بعيدا بُعد مسافة الطائرة والأمكنة والأحداث والأشخاص الجدد ، وحتى اللهجة المختلفة ، ونمط الحياة المغاير تماما .
سأركب الطائرة للمرة الأولى -من مصر إلى الكويت-، وأتعرف على عشرات الأشخاص الجدد ، وسأرتكب بالطبع الكثير جدا من الحماقات
ستفاجئني وتسعدني "الكوفي شوب " كانت من أوائل الأشياء التي كتبت له عنها ، أخبرته عن العمالة الآسيوية فيها "هنود وفلبين " وقليل من الجنسيات العربية .
منذ الولوج الأول تفاجئني التحية وكأنني أدخل بيت صديق حميم ، يلاقيني بالشوق والترحاب ، ابتسامة تملأ الوجه ، ونبرات صافية مرحبة " hi mam" " good evening mam" الجميع يقومون بالتحية وكأنني ضيف شرف ، هو أيضا سيسعد بذلك حين نلتقي هنا ، في الإسكندرية . كان ومازال يصاب بالضيق الشديد من مطاردة الندل لنا حين نتمشى على الشاطئ كل يحاول إجبارنا على الجلوس في مقهاه .
" مقهى كولومبوس " كان مكاني المفضل في البداية ، بموقعه المرتفع بعدة سلالم رخامية ، وإطلالته الخارجية في الهواء ، على الشارع الرئيسي ، أحب متابعة السائرين في الشارع ، أشعر بالونس من رؤية الناس ، تمنيت كثيرا أن يكون معي ليشاركني تلك الجلسات ، خاصة في فبراير حيث الجو الربيعي والنسمات الجميلة ، الأضواء والألوان ، المحال والسائرين ، معظمهم يحمل الأكياس البلاستيكية الملونة تعبيرا عن ثقافة الـ" shopping " طابع المكان المميز .
هنا لن تكون للعباءات والأشمغة السيطرة على المشهد ، بل الوافدين " لبنانيين وسوريين ومصريين ، أمريكان وأجانب آخرين ، آسيويين " الملابس مودرن ، الوجوه باسمة ، والأحاديث ودية ، بعض الأيادي المتاشبكة ، والمساحات المكشوفة من الجسد كثيرة ومتنوعة .
" فرابتشينو " " كابتشينو " " موكا " " كافيه لاتيه " قائمة من أسماء المشروبات الغريبة ، تعرفت فيها على " الكابتشينو " فاخترته مباشرة ، الحديث طوال الوقت باللغة الإنجليزية ، أو " العربية الكويتية الآسيوية " التي لم أكن أفقه فيها شيئا فكنت أختار الإنجليزية ، أحمل طلبي وأعود لطاولتي في الخارج " thank you mam " ، أسعدني اللقب كثيرا ، ربما كان بشرة خير لاقتراب زواجي وحصولي على لقب " مدام " ، هذا اللقب الذي كان يمنحه لي البائعون في الأسواق الشعبية .
أصبحت أحمله رسميا الآن ، لقبا آخر لم أحبه أبدا ، يناديني به السائق الصعيدي " محمد " وحارس السكن " عادل " ، " الأبلة جيهان " ، لكنني أجد أهمية الحفاظ عليه ، للإبقاء على بعض الحدود الهامة في التعامل .
إذن صحيح
" للغربة منطقها الخاص ، وقوانينها أيضا "
السالمية / الكويت
شيء آخر كان يعكر صفو الانطلاق والرؤية البرانية ، وهو أوقات العودة الفعلية والالتقاء بنفس الأشخاص .
لكنني وجدت طريقة أخرى لعدم التورط من جديد في حياة لم أرغبها منذ البدء ، التعاطف الخارجي ، والفرار السريع .
علي أن أعترف أن محاولات خروجي المستمرة ، البعد والكلام من بره الحدث كانت قديمة ومتكررة ، أفضلها على الإطلاق هو السفر والإقامة الدائمة بعيدا جدا ، بعيدا بُعد مسافة الطائرة والأمكنة والأحداث والأشخاص الجدد ، وحتى اللهجة المختلفة ، ونمط الحياة المغاير تماما .
سأركب الطائرة للمرة الأولى -من مصر إلى الكويت-، وأتعرف على عشرات الأشخاص الجدد ، وسأرتكب بالطبع الكثير جدا من الحماقات
ستفاجئني وتسعدني "الكوفي شوب " كانت من أوائل الأشياء التي كتبت له عنها ، أخبرته عن العمالة الآسيوية فيها "هنود وفلبين " وقليل من الجنسيات العربية .
منذ الولوج الأول تفاجئني التحية وكأنني أدخل بيت صديق حميم ، يلاقيني بالشوق والترحاب ، ابتسامة تملأ الوجه ، ونبرات صافية مرحبة " hi mam" " good evening mam" الجميع يقومون بالتحية وكأنني ضيف شرف ، هو أيضا سيسعد بذلك حين نلتقي هنا ، في الإسكندرية . كان ومازال يصاب بالضيق الشديد من مطاردة الندل لنا حين نتمشى على الشاطئ كل يحاول إجبارنا على الجلوس في مقهاه .
" مقهى كولومبوس " كان مكاني المفضل في البداية ، بموقعه المرتفع بعدة سلالم رخامية ، وإطلالته الخارجية في الهواء ، على الشارع الرئيسي ، أحب متابعة السائرين في الشارع ، أشعر بالونس من رؤية الناس ، تمنيت كثيرا أن يكون معي ليشاركني تلك الجلسات ، خاصة في فبراير حيث الجو الربيعي والنسمات الجميلة ، الأضواء والألوان ، المحال والسائرين ، معظمهم يحمل الأكياس البلاستيكية الملونة تعبيرا عن ثقافة الـ" shopping " طابع المكان المميز .
هنا لن تكون للعباءات والأشمغة السيطرة على المشهد ، بل الوافدين " لبنانيين وسوريين ومصريين ، أمريكان وأجانب آخرين ، آسيويين " الملابس مودرن ، الوجوه باسمة ، والأحاديث ودية ، بعض الأيادي المتاشبكة ، والمساحات المكشوفة من الجسد كثيرة ومتنوعة .
" فرابتشينو " " كابتشينو " " موكا " " كافيه لاتيه " قائمة من أسماء المشروبات الغريبة ، تعرفت فيها على " الكابتشينو " فاخترته مباشرة ، الحديث طوال الوقت باللغة الإنجليزية ، أو " العربية الكويتية الآسيوية " التي لم أكن أفقه فيها شيئا فكنت أختار الإنجليزية ، أحمل طلبي وأعود لطاولتي في الخارج " thank you mam " ، أسعدني اللقب كثيرا ، ربما كان بشرة خير لاقتراب زواجي وحصولي على لقب " مدام " ، هذا اللقب الذي كان يمنحه لي البائعون في الأسواق الشعبية .
أصبحت أحمله رسميا الآن ، لقبا آخر لم أحبه أبدا ، يناديني به السائق الصعيدي " محمد " وحارس السكن " عادل " ، " الأبلة جيهان " ، لكنني أجد أهمية الحفاظ عليه ، للإبقاء على بعض الحدود الهامة في التعامل .
إذن صحيح
" للغربة منطقها الخاص ، وقوانينها أيضا "
السالمية / الكويت